{وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولا (36)}.قال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس: يقول: لا تقل.وقال العوفي عنه: لا تَرْم أحدًا بما ليس لك به علم.وقال محمد بن الحَنفية: يعني شهادة الزور.وقال قتادة: لا تقل: رأيت، ولم تر، وسمعت، ولم تسمع، وعلمت، ولم تعلم؛ فإن الله سائلك عن ذلك كله.ومضمون ما ذكروه: أن الله تعالى نهى عن القول بلا علم، بل بالظن الذي هو التوهم والخيال، كما قال تعالى: {اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ} [الحجرات: 12]، وفي الحديث: «إياكم والظن؛ فإن الظن أكذبُ الحديث». وفي سنن أبي داود: «بئس مطيةُ الرجل: زعموا»، وفي الحديث الآخر: «إن أفرى الفِرَى أن يُرِي عينيه ما لم تريا». وفي الصحيح: «من تحلم حلما كُلف يوم القيامة أن يعقد بين شَعيرتين، وليس بعاقد».وقوله: {كُلُّ أُولَئِكَ} أي: هذه الصفات من السمع والبصر والفؤاد {كَانَ عَنْهُ مَسْئُولا} أي: سيسأل العبد عنها يوم القيامة، وتُسأل عنه وعما عمل فيها. ويصح استعمال أولئك مكان تلك، كما قال الشاعر:ذُمَّ المَنَازلَ بَعْدَ مَنزلة اللِّوَى *** وَالْعَيْش بَعْدَ أولئِكَ الأيّام